من خلال مشروع الاستجابة الطارئة : انقاذ قطاع المقاولات في اليمن من الانهيار!!

قطاع البناء والتشييد في اليمن تنفس الصعداء وعادت إليه الحياة مجددا، بعد أن كان هذا القطاع مهددا بالاندثار والاختفاء من خارطة الدورة الاقتصادية المحلية نتيجة الأزمة الراهنة وما نتج عنها من تأثيرات سلبية كبيرة، تجلت صورها الأكثر مأساوية في قطاع المقاولات والمقاولين الذين وصل بهم الحال إلى الإفلاس والانضمام إلى طابور الفقراء والعاطلين عن العمل.

انقاذ

اليوم عادت الابتسامة إلى شريحة واسعة من هؤلاء المقاولين، واستأنفوا نشاطهم في تنفيذ المشروعات المختلفة، في مجالات شق وتعبيد الطرقات وترميم المدراس وتشييد خزانات حصاد مياه الأمطار وخدمات الصرف الصحي وغيرها من المشاريع، الهادفة إلى المحافظة على قطاع المقاولات في اليمن من الانهيار، وايضا توفير سبل العيش الكريم لليمنيين وخاصة ممن تضرروا من الصراع الدائر وهجروا منازلهم وقراهم وكل ما يملكون بحثنا عن الأمان.    

عبد الحميد جابر ذو الأربعة عقود من عمره والذي ينتمي إلى إحدى مديريات محافظة صنعاء، والذي يعمل في قطاع المقاولات هو وإخوانه كمهنة توارثوها عن والدهم لعائدها المالي المغري، ممن حالفه الحظ واستطاع استئناف نشاطه وممارسة مهنة المقاولات من جديد والتقدم بعطاءات لتنفيذ مشاريع والفوز بها على منافسيه، ليعود الأمل لهذه الاسرة في الحفاظ على مصدر عيشهم وأصولهم المالية من معدات ثقيلة ومتوسطة ووسائل نقل وغيرها، والتي تم تكوينها عبر عقود من الزمن والعمل والمثابرة في قطاع المقاولات.

  لم يكن يتوقع المقاول عبد الحميد جابر أنه في يوم ما سيعجز عن دفع الإيجار الشهري لمكتبه أو ستجبره الظروف على عرض معداته مصدر عيشه للبيع بنصف تكلفتها الحقيقية، لكنها الأزمة الراهنة والصراع الدائر في اليمن أجبرت المئات من شركات المقاولات المحلية على إغلاق أبوابها وبيع أصولها وتسريح عمالها، بعد أن كانت هذه الشركات تشغل الألاف من الأيدي العاملة على مستوى اليمن.

ويستدل عبد الحميد على تأثير الأزمة الراهنة عليه كمقاول، من واقعه المعاش حيث وصل كما يقول إلى مرحلة العجز عن استخدام سيارته للتنقل الشخصي، ولكن نظرة من حوله من الناس لم تتغير وخاصة العمال، الذين يعتبرون حاله أفضل منهم وعليه مواساتهم ماليا، غير مدركين أن من كان يطلق عليه تسمية مقاول أصبح يبيع  مدخراته الشخصية ويعرض معداته للبيع بنصف تكلفتها.

تدخل عاجل

بدأ البنك الدولي في أواخر العام 2016ومطلع العام 2017م في تمويل مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة الإنسانية في اليمن بقيمة 50مليون دولارا للمرحلة الأولى عن طريق البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بالشراكة مع مؤسسات محلية مشهود لها بالكفاءة مثل مشروع الأشغال العامة الذي حصل على 15مليون دولارا ومؤسسات أخرى ، كأول تجربة يدخلها البنك وهي العمل في ظل الصراع وعدم الاستقرار، حيث ساهم مشروع الأشغال العامة من خلال تنفيذ مشاريع الاستجابة الطارئة في دعم الجهود الحالية التي يبذلها البنك الدولي من أجل تقديم الدعم لسبل العيش والخدمات الضرورية للسكان الذين يعانون من وطأة الأوضاع الحالية، وكذلك المساهمة في تحسين قدرة الأسر والمجتمعات المحلية المشاركة على العيش الكريم ، ومساعدة المجتمعات المحلية التي تستضيف النازحين داخليا على مواجهة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الموارد المحلية الشحيحة والنادرة أصلا؛ بالإضافة إلى المساهمة في دعم الاقتصاد المحلي من خلال تنمية المجتمعات المحلية، ودعم المقاولين من القطاع الخاص، حيث كان لمشروع الاستجابة الطارئة للأزمة الإنسانية في اليمن ،أثر إيجابي كبير على قطاع المقاولات المحلية، كونه حافظ على هذا القطاع من الانهيار والتلاشي ،نتيجة الشل التام الذي أصاب الاقتصاد اليمني وتوقف كل الأنشطة والخدمات .

مؤشرات

نجاح الشركاء المحليين للبنك مثل مشروع الأشغال في تحقيق أهداف التمويل الأصلي لمشروع الاستجابة الطارئة للأزمة الإنسانية في اليمن وبنسب تجاوزت ما كان مخطط له وبشفافية عالية، حفز البنك الدولي على تقديم تمويل إضافي للمشروع ولكن هذه المرة خمسة اضعاف قيمة التمويل الأصلي.

 في مارس 2017م وافق البنك على تقديم منحة إضافية لتمويل مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة الإنسانية في اليمن بقيمة 150مليون،منها70مليون دولارا خصصت لمشروع الأشغال العامة بهدف مواصلة دعم تحقيق أهداف سبل العيش الكريم وبصورة متسارعة، حيث استطاع مشروع الأشغال العامة في إطار مشروع الاستجابة الطارئة توفير حوالي 1,1مليون يوم عمل، والتعامل مع 1445مشروعا بتكلفة تجاوزت 97مليون دولارا، شملت قطاعات التعليم والمياه والزراعة ورصف الطرقات وخدمات الصرف الصحي ، منها 871مشروعا تم إنجازها حتى  نهاية يونيو2018م  بتكلفة بلغت53,4 مليون دولارا استفاد منها 2مليون شخص ، وهذه المشاريع مرتبطة بالحياة اليومية لليمنيين، مثل توفير المياه وإعادة تأهيل المدارس ورصف الطرقات وخدمات الصرف الصحي وحماية الأراضي الزراعية، وجميعها مشاريع تهدف إلى تشغيل أكبر عدد ممكن من الأيادي العاملة الماهرة وغير الماهرة خاصة في مثل هذه الأوضاع الراهنة، تنفيذا لأهداف مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة الإنسانية في اليمن YECRPالممول من البنك الدولي عن طريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

نجاح

نجح مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة الإنسانية باليمن في إنشاء أصول مجتمعية وتحسين البنية التحتية للمجتمع ،وفي نفس الوقت خلق فرص عمل قصيرة الأجل للعمال وتنفيذ مشاريع بنية تحتية صغيرة كثيفة العمالة، يتم  تنفيذها من خلال التعاقد مع مقاولين محليين من القطاع الخاص وتشمل هذه المشاريع ، على سبيل المثال لا الحصر( مشاريع حصاد مياه الأمطار، وحماية الأراضي الزراعية والري، والرصف الحجري للطرق المؤدية إلى القرى والشوارع، وإمدادات المياه، والصرف الصحي، وإعادة تأهيل المدارس) وغيرها من المشاريع، استنادا إلى أولوية الاحتياجات التي تحدد من قبل المجتمع المحلي المستهدف.

Search